Written by Mohammed Nabil, United Advocates
مشارطة التحكيم، فتفترض مبدئيا، عدم وجود شرط تحكيم في العقد ويقع النزاع بين طرفي العقد. فبدلا من اللجوء للقضاء، يتفقان على إحالته للتحكيم، ونكون هنا في إطار ما يسمى بمشارطة التحكيم. فالفرق ما بين شرط التحكيم ومشارطة التحكيم اذن، هو ان الأول يتعلق بنزاع مستقبلي محتمل، في حين تتعلق المشارطة بنزاع أكيد وقع فعلا. ويفترض في الحالة الأخيرة ان يتضمن الاتفاق ماهية النزاع الذي سيعرض على هيئة التحكيم. ومن الناحية العملية، تبدأ مشارطة التحكيم بحيثيات تتعلق بالنزاع وطبيعته، ومن ثم الإشارة إلى اتفاق الطرفين على إحالته للتحكيم مع بيان أسماء المحكمين.
وتبرز أهمية التفرقة بين شرط ومشارطة التحكيم في ان قوانين بعض الدول العربية تطلبت في النزاع الحق في الاتفاق بان يتقدم بدعوى متقابلة أو حتى أصلية ناشئة عن العقد. ومثال ذلك ان يبيع (أ) سلعة إلى المشارطة بيان ماهية المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلا. ومن هذه القوانين القانون المصري والعماني. والنص على ذلك لا يعني، ومن وجهة نظرنا، ضرورة بيان تفصيلات النزاع، وانما يكفي ذكره بشكل إجمالي. بل ليس هناك ما يمنع من إعطاء الطرف الثاني في (ب)، فلا يدفع الأخير الثمن له. ويتفقان بموجب مشارطة التحكيم على إحالة نزاعهما الخاص بالثمن إلى التحكيم. وفي الوقت ذاته يدعي (ب) بان البضاعة غير مطابقة للمواصفات، ويريد ان يطالب بالتعويض عن ذلك، فتعطي مشارطة التحكيم (ب) الحق بإحالة هذا النزاع أيضا إلى التحكيم أمام ذات الهيئة. في هذا المثال تضمنت المشارطة نزاعين: احدهما من جانب (أ) خاص بالثمن، والثاني من جانب (ب) خاص بعدم المطابقة مع ما يترتب على ذلك من حقوق لـ (ب) حسب القانون الوطني الواجب التطبيق على النزاع. وابعد من ذلك، فان قصر التحكيم في المشارطة على مطالبة (أ) بالثمن، لا يمنع (ب) بداهة من إثارة كافة الدفوع الناشئة عن العقد أو القانون لرد دعوى (أ) كليا أو جزئيا، حتى ولو لم تنص المشارطة على ذلك، مثل الدفع بالوفاء بالثمن، أو المقاصة، أو القوة القاهرة، أو الدفع بعدم التنفيذ، أو الاحتباس، كل ذلك شريطة أن لا يتضمن الدفع مطالبة تؤدي إلى الحكم لـ (ب)، بما يزيد على رد دعوى (أ) في مواجهته.
ومن جهة أخرى، تجدر التفرقة بين مشارطة التحكيم واتفاق التحكيم اللاحق على نشوء النزاع المستند أساسا لشرط التحكيم. فقد يكون هناك شرط تحكيم، وبعد وقوع النزاع، يتفق الفريقان على أحكام أخرى تتعلق بتسوية النزاع تحكيما، مثل تحديد طبيعة النزاع وتشكيل هيئة التحكيم، ومدة التحكيم، وصلاحيات هيئة التحكيم. في هذه الحالة، لا نكون أمام مشارطة التحكيم، وانما أمام اتفاق تحكيم آخر لا يجبر الطرفان أصلا على إبرامه، بل كان يكفي شرط التحكيم لهذا الأمر. ويترتب على ذلك القول ان الاتفاق الجديد لا يشترط فيه ما يتوجب في المشارطة، من حيث ضرورة تحديد طبيعة النزاع على النحو المذكور سابقا.
Written by Mohammed Nabil
If you require future assistance on the matter, please do not hesitate to contact us at United Advocates.